يحار الإنسان كثيراً حينما يكتب عن صديق عزيز وعن رفيق درب فهو لن يستطيع بطبيعة الحال أن يغطى كل جوانب شخصيته الممتدة فى سطور قلائل وبالتالى قد يجد الإنسان نفسه مُقصراً فى حق الكلمة فإن كان لا مناص من الكتابة ولا مفر من هذا الشرف فليأذن لى عزيزى القارئ أن أسجل عن شخصية إبراهيم خليل إبراهيم أسطراً قليلة هى بمثابة رؤوس موضوعات ربما يحتاج كل موضوع منها إلى كتاب مستقل .
فأخى وصديقى إبراهيم خليل إبراهيم كما رأيته وأراه متعدد المواهب أو بمعنى آخر له عطاءات ممتدة وله بصمات مضيئة فى مجالات عدة … فقد بدأ مشواره الثقافى قبل الكتابة للإذاعة المصرية التى احتضنته فى مرحلة هامة من حياته فصار مغرداً على أغصانها المختلفة فمن إذاعة الشباب والرياضة إلى إذاعة صوت العرب ومن إذاعة الشرق الأوسط إلى إذاعة الكبار .
ومن أهم ما كتب فى الإذاعة فى ذلك الحين برنامج ما يكتبه الشباب الذى شارك مع العديد من أقرانه فى إعداده لهذه الإذاعة الهامة وقد كان يقدم فى هذا البرنامج عدداً من المجلات الإذاعية المسموعة التى كانت تمثل وجبات ثقافية شهية تجمع على مائدتها بين المقال والقصة والشعر والطرفة والحوار …إلخ
ومن أهم هذه المجلات التى قدمها وتركت أثراً طيبا فى نفوس مستمعيها فى ذلك الوقت وكان لها أيضاً الحضور المكثف على الساحة الثقافية الإذاعية مجلتى الفيروز والاثنين اللتان ذاعا صيتهما وتميزتا بين أقرانها من المجلات .
وقد كان لفكر إبراهيم خليل إبراهيم المتوقد ولموهبته المتألقة دور كبير فى ذيوع وانتشار هذه المجلات من خلال هذا البرنامج الشهير الذى كان يقدمه نخبة من أهم الإذاعيين فى تلك الفترة ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الإذاعية القديرة الراحلة عديلة بشارة ، والإذاعية الرائدة سعاد الجرزاوى ، والإذاعى الشاعر محمود عبد العزيز ، والإذاعية سامية السيد …. إلخ .
فالمجال هنا لا يتسع لذكر هذه الكوكبة المضيئة التى كان لها الأثر الطيب والفضل المؤكد فى نبوغ وتألق أديبنا إبراهيم خليل إبراهيم .
وقد كانت هذه المحطة الإذاعية أولى محطاته الإذاعية الهامة بطبيعة الحال تلتها وسبقتها محطات أخرى لا تقل تميزا عن سابقتها بل تزيد وهى محطة الكتابة الصحفية ثم محطة الكتابة البحثية والتاريخية التى أظن أن كاتبنا إبراهيم خليل إبراهيم قد تفرَّد فيها وأجاد وخط اسمه بحروف من نور على جبين هذا النوع من الكتابة الباحثة عن الحقيقة والراصدة لعيون التاريخ المضئ .
فقد قدم للمكتبة العربية وما زال يقدم عشرات الكتب البحثية والتاريخية والإبداعية التى صب فيها عصارة جهده وعشقه لهذه الفنون الكتابية الرائعة ، والحقيقة أن كاتبنا إبراهيم خليل إبراهيم يمتلك مقومات الباحث المتميز فهو يمتلك الصبر والجلد فى الوقوف على المعلومة الصحيحة فقد كان يسافر هنا وهناك ويحاور هذا وذاك ويستفسر عن كل معلومة مهما كانت صغيرة وذلك من أجل الوصول إلى الحقيقة بعينها ، وما أروع الوصول إلى الحقيقة مهما طال انتظارها ومهما تكبدنا فى سبيل الحصول عليها .
كما يمتلك كاتبنا العزيز إبراهيم خليل إبراهيم درجة من الحب تمكنه من بذل الغالى والرخيص فى سبيل إنجاز بحثه أو تجربته الإبداعية .
كل هذا وغيره من المقومات والصفات التى يملكها كاتبنا قد كفلت له التفوق والتميز فى أبحاثه وكتاباته وإبداعاته المختلفة ، ومن أهم الكتب التى قدمها لهذه المرحلة : ملامح مصرية – العندليب لا يغيب – من سجلات الشرف – أصوات من السماء …. إلخ.
وسوف أحيل القارئ العزيز إلى هذه الكتب حتى يصل بنفسه إلى حقيقة الجهد الذى بذله ويبذله كاتبنا الأعز فى إنتاج هذه الكتب كما سيندهش القارئ كثيراً أمام الحقائق الجديدة والملامح المبتكرة التى بين سطور وحروف تلك الكتب .
ثم ينتقل إبراهيم خليل إبراهيم بنا إلى مرحلة النضج البحثى وهى مرحلة التأريخ العسكرى لأبطال ورموز حربى الاستنزاف وأكتوبر الخالدتين والجميل فى هذه المرحلة أن كاتبنا كان يبحث عن الجنود الأبطال الذين ربما لم ينصفهم التاريخ كما يجب ولكن إبراهيم خليل إبراهيم وجد أن من حقهم عليه وعلينا جميعا أن نسلط الأضواء البحثية والتاريخية على ما بذلوا من دماء غالية لينالوا بعض الذى يستحقونه من هذا الوطن … وهذا ما سبقنا إليه كاتبنا الخليلى فقدم وما زال يقدم العشرات من الأبطال الأفذاذ من خلال ما قدموه من بطولات ومواقف وشهادات يندى لها الجبين من أجل رفعة وسمو هذا الوطن الغالى .. مصر .
مصر الغالية التى تجرى فينا مجرى الدم والتى يقول عنها إبراهيم خليل إبراهيم : ميمها مجد .. وصادها صفاء .. وراؤها رخاء .. مصر التى نبتنا من طينها وسوف يحتوينا هذا الطين مهما امتد بنا بساط العمر .
مصر التى فى خاطرى وفى فمى
أحبها من كل روحى ودمى
كما لا يمكن أن نغفل عن الرؤى التأملية والنقدية فى الشعر لدى كاتبنا العزيز إبراهيم خليل إبراهيم حيث قدم للمكتبة العربية فى محطة مفصلية من تاريخه الثقافى والأدبى كتابان فى الرؤى الإبداعية والنظرة التأملية الشعرية لشاعرين من شعراء هذا الوطن وهما الشاعر الكبير فاروق جويدة الذى يمثل أحد رموز الحركة الشعرية العربية فى عصرنا الحديث حيث قدم له كتابا بعنوان ( الحب والوطن فى شعر فاروق جويدة ) والشاعر الآخر هو كاتب هذه السطور المتواضعة والذى قدم له كاتبنا إبراهيم خليل إبراهيم كتابا بعنوان (رؤى إبداعية فى شعر رفعت المرصفى ) وقد صدر من هذا الأخير طبعتين حتى الآن .
وقد جاءا الكتابان بمثابة رؤية خليلية خاصة كشفت بين سطورها عن الحس الأدبى الرائع الكامن داخل وجدان كاتبنا العزيز .
وهذا ما أتى ثماره أخيراً لدى كاتبنا الخليلى فأبدع بعض التجارب الشعرية القصيرة فى محطة من أهم المحطات الثقافية الخليلية على الإطلاق فقد فاجئنا وأسعدنا فيها ببعض من ماء الشعر الذى يسرى فى عروقه .
كان هذا قليل من كثير مما يمكن أن يكتب عن إنسان مبدع وباحث متألق أفنى معظم عمره تقريباً فى حبه للبحث والإبداع والتأمل .
وأخيراً .. كانت هذه سطور قليلة يمثل كل سطر فيها موضوعا مستقلا عن حياة وعطاءات كاتبنا الأعز إبراهيم خليل إبراهيم .